الفنان عماد نافع يستدعي الحلم لخوض مغامرة المغايرة

المقاله تحت باب  مقالات فنيه
في 
23/01/2009 06:00 AM
GMT



الفنان عماد نافع يستدعي الحلم لخوض مغامرة المغايرة

 أفق تأويلي لمعنى الوجود

علينا ان نسلم اولا بان ليس كل ما يقدم للجمهور من فنون يتفاعل مع قضايا الانسان ، انسان اليوم المأزم بجمله من المشاكل اليومية  فكرية ، اقتصادية ، اجتماعية  . ذلك الانسان الذي افتقد الحلم وعاش مع همه يحتاج الى من يعيد اليه جزء من حلمه المفقود . فالفنان هنا يحتاج الى رؤيه منفتحه على الاخر وخيال مبتكر بالاضافه الى شجاعة في الطرح ، كي لا يخلق شيء منعزلا بل يجاهد ان يجعل المشاهد اكثر انفتاحا ووعيا بذاته .  يقول المؤلف الموسيقي جون كيج ( موسيقى جديدة ، أصغاء جديد. مامن محاولة لفهم شيء مما يقال ،لانه اذا ما قيل شيء ، فسوف تعطي الاصوات اشكال الكلمات  . يكفي مجرد الانتباه الى فعل الاصوات ذاتها ) هذا ما تؤكده اعمال الفنان العراقي ( عماد نافع ) في اعماله  الاخيره والتي تحاول ان تجسد واقعية و خياليه العمل الفني في ذات الوقت ، باستغلال امكانية الضوء والظل كوسيلة لكشف الجوانب الشاعرية والسمو الروحي عبر تجسيد حجم المكان والاشكال والثيم التشخيصية الاخرى ، فنرى الاضاءة تجري من اللون الاخضر والذي يطغى على اغلب اعماله بشفافية واضحه فيما يبقى الظل اكثر كثافه لتوكيد قيمته الفنيه الخاصه مما يميزه في خلق عوالمه الداخلية المرتبطة في بنيتها ، وليس بتباع قواعد اسلوبية محدده . انما تمتلك لغتها وغناها الروحي عبر التطابق بين مجموعة الاشارت والانسجام في توظيف هذا النقاء الروحي كقيمة جمالية فتوحد الحركة هنا ينظم العلاقة المكانية ويبرز جوهر هارمونية اللون الاخضر وعلاقته بخلق أجواء روحية فيضية تشكل جوهر العمل الفني من خلال التناسق بين الالوان لايجاد ذلك التوازن الخفي الهادىء رغم تعدد النبرات والاحاسيس .  

 فالتضاد اللوني  عند الفنان ناتج عن علاقة تفاعلية بين المعتم والمضيء ، انه يحاول ان يجعل الضوء وسيله درامية لتجسيد السمات الفنية في اللوحة ،
 ان (الفنان عماد نافع ) يحاول جاهدا في جرنا الى عوالم تثير فينا مجموعة من التساؤلات عن ادراك مغزى طقوس اجواءه الحلمية المحاله الى بناءات  فضاءات مفتوحة المدى ليقدم بذلك رؤية جديدة لعالم امسى يحتاج الى اكثر من معنى  وتفسح المجال لتجاوز تعثر الذات عبر تفكيك مركزية الحلم المجرد  وطرحه عبر اسئلة معرفية دون الحاجة الى تلقين اوالتحول الى صوت ايديولجي مجمد في قوالب ثابته.                  

فالفنان يحاول الاغتراف من مناهل كل الثقافات الانسانية لطرح موقفه من سؤال وجوده وازمته الراهنه .
  ففي فراغ اللوحة نرى ابعاد اخرى غير مرئية ، فمن عتمة اللون عنده ينبلج النور ، ومن الغموض يولد الوضوح . لتتوسع امام العين امكانيات الرؤية والتعايش مع حلم الفنان بلغة امتاز بها يندر ان نجدها عند غيره من ابناء جيله من الفنانين ،فهواذ يستدعي الصمت لتفكيك سر وجوده الكامن ،ذلك الصمت الحلمي المسموع الصوت ليوصل لنا نداء الاحتجاج وليدعونا الى الانفتاح على آفق تأويلي حمال للاوجه.    

  لقد عرفنا الفنان ( عماد نافع )عبر معارضه المتعدده بقدرته على خوض مغامرة المغايرة للسائد والخوض في تجارب الاختلاف وفي بحثه الدائم عن متون كبرى للتأويل تحتمل الوقوف معها أو ضدها احيانا عبر اشتغاله على جوهر الاشياء وتفحصها بمعنى مزدوج ، فهو يعنى بالصورة كحقيقة اسمى لخلق اسس عالم جديد يبحث فيه بعلاقة الوجود  بالموجود مستخد ما الحلم في محاولة التفسير .
 ولكي يكون التطابق فاصلا تجريديا فهولا يحاول ان يرفع الغموض بل يشتغل عليه ،اذ ان الوضوح لا يحقق دائما غنيمة اشراق الوجود التي حاول الفنان ابرازها يشكل ملفت.
يتسأ ل الفيلسوف ( مارتن هايدرغر) : - ( ..ماذا عن الوجود . هل يمكن رؤيته ؟ اننا نرى موجودا ،لكن هل نرى الوجود كما نرى اللون والضوء والظلمه ؟ أم نسمع ونشم ونتذوق ونلمس الوجود ؟ أي وجود ؟ وفي أي شيء يكمن ..) وهذا ما عمل عليه الفنان في اللجوء الى الحلم والغموض كي يؤسس ملجأ سري لاشتغالاته الفنيه التي تكشف عن اصراره على خلق المغايره واستذكار الماضي ومعايشة الحاضر عبر تكثيف الوعي كي ينبعث مشروعا جديدا لمعنى الوجود وايجاد معاني اخرى للتأمل .